الخميس، 15 يناير 2015

لا حياد في جهنم



لا حياد في جهنم
بصدد تركيب القائمة "المشتركة"

زاهد عزت حرش


بتقديري لم يبقى هناك من قيمة للتمثيل البرلماني "الكنيست" سياسيًا او شعبيًا سوى 10% من قيمة النضال الفعلي المدافع عن قضايا الناس وهمومهم. وينصب الجزء الأكبر من فعل هذا المنصب "العضوية" فيما يحصل عليه الحزب "أي حزب او قائمة" من تمويل مادي للأحزاب. عدا عن المرتب الذي يتقاضاه كل عضو لنفسه، مضاف اليه الامتيازات الأخرى التي يستفيد هو وحده منها!! نعود للتمويل المادي، ان هذا التمويل المادي للحزب، هو وسيلة مساعدة تساهم في التخفيف من وطأة العبء المادي، ويسهل امام الحزب إمكانية التواصل مع الجمهور من الناحية الإعلامية واللوجستية.

لذلك فانه من الناحية العملية، لا فرق كبير للعمل الجماهيري الشعبي، في ممارسة النضال اليومي بين حزب ممثل في البرلمان وحزب غير ممثل. ويمكن الدلالة على ذلك بأخذ العبرة من حركة "أبناء البلد" التي استطاعت ان تستمر في بقائها وتواجدها على الرغم مما أصابها من تشرذم، من جراء تحالفها مع "التجمع" ابان تأسيسه، ورغم حالة الإحباط والانقسام الذي حدث بين زعمائها واعضائها، ممن فضل البقاء مع "التجمع" او الانفصال عنه، وبين شقيها الشمالي والجنوبي، وما آلت اليه أوضاع الحركة حتى اليوم. لكن ما زال العديد من أعضائها وقادتها، ممن لا يحلمون بمقعد في الكنيست، يقومون بعملهم السياسي والنضالي بما يملكون من طاقة وامكانيات.

فالعمل السياسي اذن، والعمل النضالي الشعبي الساعي لتحسين حياة الافراد والجماعات، والذي يهدف الى رفع الظلم عن الناس، لا يحتاج الى ان ينحصر في العمل البرلماني "الكنيست". لأن هناك الكثير من الوسائل والامكانيات للعمل الميداني، بين صفوف الجماهير كافة والطبقات المسحوقة خاصة، لرفع الظلم والغبن عنها. وعليه فأن تعليق الآمال على إقامة "القائمة المشتركة" جاء لأهداف خاصة قبل كل شيء. وكما يمكن ان يقال " لغرض في نفس يعقوب" ويعقوب هذا يريد ان يصل الى الكنيست بأي ثمن كان!!

لقد جاء مطلب إقامة "القائمة المشتركة" كرد فعل على حالة طارئة نتجت عن سن قانون رفع نسبة الحسم. والكل يعرف ذلك. وهي بالتالي مطلب جاء خوفًا من سقوط ذلك "اليعقوب" او تلك القائمة. وفي هذا السياق، ومن خلال العمل على إقامة مثل هكذا قائمة، لا بد وان يسقط الكثير من القيم الأخلاقية والمبادئ والمعتقدات الفكرية لحزب مضى على وجوده قرابة قرن من الزمان. كل ذلك تحت شعار الحصول على تمثيل اقوى، ومن أجل ردع العنصرية الإسرائيلية والوقوف بوجه إقامة حكومة يمينية متطرفة! وكأن ذلك يضمن إقامة حكومة غير عنصرية وغير متطرفة في المرحلة القادمة. مع ان المكتوب يقرأ من عنوانه، فها هي القوائم الصهيونية تجتاح الشارع الإسرائيلي، بمن يكون أكثر عنصرية وأكثر تطرفًا، عندها ماذا ستفعلون؟ وهل إضافة عضو او اثنين من العرب سيغير الواقع او سيساهم في مواجهة مثل هكذا حكومة مرتقبة؟!

من هنا أجد ان على الحزب الشيوعي المتمثل بالجبهة الديمقراطية، ان يعمل على خوض الانتخابات القادمة بقواه الذاتية، او في اقصى ما يمكن ان يكون، ان يتحالف مع احمد الطيبي او مع حركة "مرتس". كبديل عن تحالف مع قوى معادية، من حيث الطرح السياسي والأخلاقي والعقائدي، ذلك كمثل التحالف مع "التجمع" و " الحركة الإسلامية" اللتان تشكلان صورة أخرى من حالات الامتداد البترودولاري، وما هما الا امتداد او بوق للرجعية العربية والامبريالية والصهيونية العالمية. وتمثلان شكلاً آخرًا من اشكال العداء لحقوق الشعوب عامة وللشعب الفلسطيني خاصة. وعلى رأس ذلك دعم الإرهاب في سوريا، لمن ينسى المأساة السورية في هذا الخضم المتلاطم من التجاذب. ان من يقف ضد سوريا شعبًا وقيادة وطينة، يقف في الصف الآخر للمعادلة التي يجب ان يتخندق بها الحزب الشيوعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق