الثلاثاء، 7 أبريل 2015

ظاهرة "استنساخ" عزمي بشارة



ظاهرة "استنساخ" عزمي بشارة

زاهد عزت حرش

          في حديث لي مع صديق، لا اود ذكر اسمه لاني لم استئذنه حول ذلك، ذكر لي ان عزمي بشاره اوجد ظاهرة الزعامة والتزعم، وانه هو من بعث هذا الشكل من اشكال الظهور المتكبر المتعجرف، باعتماده على صلته بزعماء من العالم العربي، وعلاقاته المتعددة والمتميزة، كوسيلة لبث هذا النوع من الفخامة الشكلية على تصرفاته.

          وما حذا بي لطرح هذه الموضوع، هو ان هذا النوع من التصرفات الشكلية للتباهي والعنجهية، ما هي الا صورة مميزة لظاهرة "عزمي بشارة" المذكورة انفًا، والتي يستنسخها البعض هنا الآن. حيث غدا بعض "زعماء" السياسة في بلادنا، واقصد بعض من اعضاء الكنيست العرب، يحذون حذوه والتشبه به وبتصرفاته. وقد طاحوا بكبريائهم وتكبرهم بكل الوسائل المتاحة امامهم، وقد ساعدهم ومدهم في تعميق هذه الظاهرة، العديد من مؤيديهم والمعجبين بهم، وذلك من خلال ارسال الرسائل النصية، المشيدة بوطنية هؤلاء "الزعماء"، وكيل المديح والتعظيم بهم وبشخصهم، وبما يقومون به من عمل سياسي او اجتماعي، ونشر صورهم في المحافل والتباهي بها.

          وان يكون هناك معجبون بشخص هذا النائب، وبما يقوم به من عمل سياسي ووطني، هو شيء طبيعي ومحمود، شرط ان يبقى في حدود التواضع والعلاقات الحزبية والاجتماعية. مع انه يمكن لهذا المديح ان يساهم في نشر الحقائق، رغم ما يعتريها من مبالغة، حول ما يتحلون به من اخلاق ويقومون به من عمل للصالح العام. لكن المثير للاشمئزاز والنفور، ان هذا النائب او ذاك، يضخمون هذا المديح وينشرونه علانية عبر صفحات التواصل الاجتماعي المتعدد الامكانيات، في الفيسبوك والتويتر ومواقع الاخبار وغيرها. كأنه بذلك يريد ان يقول للآخرين، هذا انا زعيمكم وربكم وسيدكم، وما عليكم سوى ان تتبعوني وتصفقون لي بكل اونة، وان تهرولوا خلفي بكل ما افعل او اقوم به من عمل.

          فهذا الشكل "المستنسخ" لظاهرة التكبر الذي اختلقها عزمي بشارة، لا تمت لواقعنا بأي شكل من الاشكال. وعلى هذا النائب او ذاك، ان يعي انه يعيش في مجتمع لم يتعدى تعداده المليون ونصف المليون نسمة. والانكى من ذلك، ان هذه الجماهير لا تعيش في ظل وطن حر سعيد. بل هي جماهير تعاني من التفرقة العنصرية والطتئفية، وسياسة التميز والقهر القومي والاجتماعي منذ عقود. وعليه فان اية "زعامة" من هذا النوع، او ما يشابهها، لا يمكنها ان تحقق لهذا الشعب اي نصر وتحصيل حق من حقوقه، دون موأزرة هذا الشعب وتضحياته الجسيمة، وعليه فان فخر هذا النائب بما صنعه، لا يتعدى كونه زوبعة في فنجان. لان اي تقدم او نصر حققه هذا الشعب، تم فقط، من خلال تضحياته المدفوعة برسم الشقاء والعرق والدم.

          فما معنى ان ينشر هذا النائب او ذاك، ما كتبه له احد الاشخاص عن انه زعيم ووطني وبطل وقائد، والى ما ذلك من صفات التعظيم والاجلال والامارة. فقبل ان يتباهى ايٌ من اعضاء الكنيست العرب، بما يكتبه له احد المعجبين به، ويقوم بدوره بنشر ذلك على صفحته في الفيسبوك، حبذا لو يقوم بنشر سيرته النضالية "فعلاً لا قولاً" على صفحته، حول ما حققه من انجازات وانتصارات "فردية"، حقق بواسطتها انجازات وانتصارات لهذا الشعب. في حين ان معظم الناس يعرفون ان ما استفاد منه اعضاء الكنيست العرب، بصفة عامة، مما يتقاضونه من رواتب، وما يحصلون عليه من امتيازات وتسهيلات، هو اضعاف اضعاف ما يقدمونه او يقومون به من عمل، اذا ما قيس ذلك بالقيمة الحقيقية، مقارنة بين ما يحصلون عليه وما يقومون به.

          لقد اثرى اعضاء الكنيست الذين قضوا عشر سنوات واكثر فيها، ثراء لا بأس به! فمجرد الرجوع الى ما كانوا عليه من قبل، وما جمعوه من املاك واموال من خلال عضويتهم، يكفي ليعطينا صورة عن احوالهم! فمنهم من توسعت املاكه العقارية، ومنهم من اقام البيوت الشبيهة بالقصور، فبعضهم يملكون بيوتًا تصل مساحتها لآكثر من خمسمائة متر مربع. وتعدت مرات سفرهم الى الخارج عدد سفر وزير خارجية هذه البلاد. خاصة وان لا رقيب ولا حسيب من قبل جماهير شعبنا لهؤلاء النواب، عما يحصلون عليه وما يقدمونه!

          ان مجرد حساب بسيط، لعضو كنيست قضى عشر سنوات فيها، يصل مجموع ما حصل عليه من راتب، الى ما يقارب خمسة ملاين شاقل، هذا عدا الامتيازات والتسهيلات والمصروفات الجانبية التي يحصل عليها ايضًا. ولو كان لنا امكانية محاسبة احدهم، على غرار ما فعله جمال عبد الناصر في عهده، اذ قام بحملة لمحاسبة الاقطاعين واصحاب الاموال، تحت عنوان "من أين لكم هذا"، لكان بالامكان ان نجعلهم اكثر تواضعًا، وأكثر خدمة وعطاء لجماهير الشعب الذي انتخبهم ووهب لهم هذا المنصب.

          ان هذه المداخلة البسيطه التي امتدت لتتطرق في سردها الى نوع من المحاسبة، على ما يقدمون وما يملكون، جاءت لتعود اصلاً، الى ظاهرة التكبر والتعجرف والزهو المبالغ فيه. وهي تدعو بالاساس، هذا النائب او ذاك، على قلتهم، ان يتواضعوا قليلاً، وان يبتعدوا عن هذا التزعم المزعوم، لأن واقعنا لا يحتمل "زعامة" من هذا النوع أكثر.


شفاعمرو - يوم الثلاثاء 7.04.15

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق