الجمعة، 21 مارس 2014

أتى أيلول يا أمي



أتى أيلول يا أمي


زاهد عزت حرش
16.09.06

      

    1
 أتى أيلول يا أمي
مضى عام للقياهُ
مضى عام
وفي البال، سؤال لست أنساهُ
حنين الصوت يا أمي
كأنكِ في حناياهُ
أراحلة كما الرؤيا
نواصي الحلم رؤياهُ
أراحلة إلى ذاتي
أراحلة إلى الآتي
أراحلة معي دومًا
رحيل الحزن والاهُ
أحن إليك ي أمي
فمن لي فيكِ ألقاهُ

          2
أراحلة إلى حيثُ
رحيل الخلق مثواهُ
وحيث لا بكاء ولا وجعٍ ولا آهُ
أعائدةٌ مع الطير
أعائدةٌ مع الفجرِ
أعائدةٌ مع الدفءِ
يعودُ العودُ أماهُ
أعائدةٌ مع الورد
ربيع العطر لوناهُ
أعائدةٌ مع الصبحِ
وقهوتهُ وسجيتهُ ومحكاهُ
أعائدةٌ مع الخبزِ
بزعترة  ونعناهُ
بليمون على بابي
بزنبقهُ بفُلاهُ
أعائدةٌ إلى عمري
فداكِ العمرُ والجاهُ

          3
مضى عامٌ
ذهب الأحبة
يزورون قبركِ
مع البخور
وباقات الزهورِ
وبقيت هنا، بقيت وحيدْ
أكون حيث أكون
والناس حولي
فرح، وغناء، وقصيد
لكني وحيدْ
ذهب الأحبةُ، إلى الكنيسةِ
قرأوا على اسمك
المزامير، والآيات
وتسبيح الأناجيل والنشيد
يُذكرون الله، أنكِ وديعة لديهِ
يطلبون العفو والصفحَ والتخليد
وأنا هنا بعيد
كلهم حولي، ولكني وحيد!

          4
مضى عام على الرحيل
وأنت يا قديستي الأوفى
في القلب ساكنةً وفي الوريد

          5
في الليل
على ضفاف الحلم التقينا
كأن شيئًا لم يتغير
ما زلتُ طفلكِ المعاق المدلل
ما زلتُ طفلكِ العنيد

          6
تقولين
لا تبكي يا حبيب العمرِ
هي سُنةُ الحياةِ
في الأنبياء والأشقياء، والعبيد

          7
عام مضى
ولا شيء جديد
سوى الدمار على الدمارِ
في أرض لبنان السعيد
ما من جديد
سوى البكاء والعويل
سوى النار
فوق النارِ والتشريد
وألف قتيل، وألف شهيد
ليس هناك من جديد
سوى حالة من الكرامة
ربما
أو مسرحية للرجولة والحديد

          8
عام مضى
ولأيلول مواعيد
وله عيد وذكرى
وميعاد لهُ، وألف عيد
ولأيلول يا أمي، أسم جديد
أسمك أنتِ يا أمي
أواه ما أحلاه من أسم جديد

          9
أتى أيلول يا أمي
وفي الرئتين ما زالت
بقايا من بقاياهُ
وفي العينين بسمته
وضحكتهُ ونجواهُ
وفي الوجدانِ دمعتهُ
وغصتهُ وبلواهُ
أتى أيلول يا أمي
ولا زالت بذاكرتي خطاياهُ

          11
أتى أيلول يا أمي
ولا زالت بذاكرتي
تعيش ألوف ذكراهُ
وعيناكِ
ورؤياكِ
ولمحٌ من محياكِ
ولا زلتي بذاكرتي
صدى يومي وليلاهُ
فمن أين ليّ امرأةً
تكون لقلبي مرساهُ
لمن أشكو له وجعي
لمن أشكو له ألمي
لمن أشكو له ضعفي
وأستنجدهُ، أماهُ

          12
أتى أيلول يا أمي
وأنتِ في ثناياهُ
وأنتِ فيهِ نرجسهُ
وزنبقهُ وطيباهُ
فعذري أنكِ فيهِ
ويلقاكِ فألقاهُ
وأفرش عند ركبتهِ
حنينًا أنتِ نجواهُ
وأرسم فوق جبهتهِ
عناقيدي وخمراهُ
سيبقى الوعد يا أمي
وعهدًا لست أنساهُ
ولن أنقض لكِ وعدًا
وأن قالوا، قتلناهُ!!


          في السادس عشر من أيلول 2006 حلت الذكرى الأولى لرحيل والدتي لبيبة جايد حرش. ودفنت بالقرب من والدي في مقبرة المسيحيين في شفاعمرو، بعيدًا عن مسقط رأسها في حماة، سوريا حيث ولدت هناك سنة 1921.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق