الجمعة، 1 نوفمبر 2013

رصاصة في جبين فلسطين

"رصاصة في جبين فلسطين"
زاهد عزت حرش

(4/4/2011-4/4/2013)

*عامان على اغتيال جوليانو مير-خميس ولم يُلقَ القبض على المجرمين ولم يعاقب أحد*

هزني خبر اغتيال جوليانو مير خميس كما لو انه خبر اغتيال اعز الناس على قلبي، على الرغم من أن لا علاقة شخصية تربطني به. إنما هناك تاريخ لهذا البطل، ورثه عن والديه، القائد الشيوعي صليبا خميس والمناضلة آرنا مير، وأثراه بجهده وإيمانه بعدالة القضية الفلسطينية، مما يجعل الانتماء الإنساني لهذا العطاء أهم وأرقى من أي انتماء آخر.
إن تاريخ جوليانو محفور في شوارع مخيم جنين وأزقته وحواريه، وهو الذي منذ سنوات طوال يعمل بجهد وتفانٍ في تقديم كل ما يستطيع في سبيل إنشاء جيل من الوعي الثقافي لمواجهة الاحتلال وكنسه، إيمانًا منه بعدالة القضية الفلسطينية بكل جوانبها! ويكفي المرء أن يبحث عن تاريخ هذا المناضل الفلسطيني ليتأكد مما أقول 


* فمن قتل جوليانو؟*
هل يمكن للكلمات أن تعبر عن فداحة هذا الاغتيال الرهيب، كأنما هو عملية انتحار ذاتي إذا ما ثبت أن منفذيه هم من أبناء فلسطين؟! في حين أن خيوطه ليست بعيدة منطقيًا، بشكل أو بآخر، عن المؤسسة الإسرائيلية، لأن الأخيرة تملك الكثير من الوسائل والأساليب التي تمكِّنها من توجيه بعض الخونة للقيام بهذا العمل!! بيد أنني امقت أن تعلق كل الأخطاء على شماعة الاحتلال، كي يبرر المنحرفون والمجرمون أعمالهم باسمه.

وعلى الرغم من ذلك ينتابني شعور بالمرارة والقذارة في آن واحد، فان ما يحدث اليوم على الساحة الفلسطينية يترك الكثير من الشك في أن منفذي العملية – أدواتها -هم فلسطينيون، فعلى إحدى صفحات الفيسبوك التي تحمل عنوان "لا، جوليانو مير خميس" وردت عبارات وتعليقات تُعبر عن حقد ورجعية مميتة، بل دعوة إلى القتل وأكثر ضد هذا الإنسان بشكل خاص، وتضعه في صف الصهيونية المقيتة التي ارتكبت أفظع الجرائم بحق الفلسطينيين!! لا لشيء، فقط لأنه اعتنق القضية الفلسطينية، كما وهب سجل يومه وعطاءه الفني من أجل فلسطين وشعبها، فقام المجرمون بتقديم هدية له بقتله، بأن جعلوه واحدًا من "شهداء" فلسطين، وهم بذلك أيضًا وهبوا الاعلام الصهيونية بطاقة دعوة لأبواقها العنصرية، كي تغزل على منوالها فظاعة "الإرهاب الفلسطيني"، فإلى متى سيبقى هؤلاء العابثون المجرمون بحق القضية الفلسطينية، يغرزون سيوفهم في خاصرتها باسم "الوطنية العاهرة" المنافية للوطنية الشريفة؟
تمر القضية الفلسطينية في اعقد مراحلها أمام الانقسام والتشرذم السياسي، وتقف على مفترق طرق يجعل من الصعب تقدمها في سبيل نيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ويزايد عليها الأقربون أكثر مما يزايد عليها الأعداء، وتقف اليوم في مهب رياح تعصف بها من كل اتجاه، وكأن ما هي إلا قضية أناس لا أرض لهم ولا وطن ولا تاريخ 

أهيب بمن يملكون زمام الأمور في السلطة الفلسطينية، هذا إذا ما بقي من زمام الأمور ما يمكن الإمساك به، أن يعملوا كل ما بوسعهم على فك لغز هذا الاغتيال ومعاقبة منفذيه، علهم بذلك يثبتون للقضية الفلسطينية قبل غيرها، أنه على الرغم من كل شيء فانهم يحاولون غسل بعض من العار الذي لطخ جبينها.
وليشهد التاريخ، أن اغتيال جوليانو مير خميس هو بمثابة رصاصة غدر في جبين فلسطين!! حتى وان كان على يد أذرع المخابرات الإسرائيلية أيضًا!! لأنه حدث على ارض فلسطين ولم يستطع أحد من أبنائها أن يمنع اغتياله.

*مضى عامان*
نشرت وسائل الإعلام الفلسطينية الكثير حول اغتيال جوليانو، بعيد عملية الاغتيال بساعات، وبعض أيام، ومنها صور لسيارته وبعض المعلومات حول القتَلة، وكان هناك أكثر من افادة من الصبية الفلسطينية التي تعنى بطفلته، ومن عدد من شهود العيان، ودلت بعض هذه الشواهد على ان مقترفي الجريمة هم من الاصوليين المتعصبين الذين رأوا بجوليانو "داعية للفسق"، وأنه يساهم في تدمير العادات والتقاليد الاسلامية ويفتح الطريق أمام الفتيات المشاركات في مشروعه المسرحي للخروج عن نمط الحياة الفلسطينية! حسب زعمهم.
إذًا هناك من الأدلة ما يمكن الاعتماد عليه للقبض على المجرمين، فلماذا لم يقدم أحدٌ الى العدالة، ولماذا تمر سنة أخرى دون حساب أو عقاب، كيف سنواجه طغاة المجرمين الأعداء ونحن لا نقوى على محاسبة المجرمين القابعين في صلب حياتنا اليومية، الذين يجيزون لأنفسهم ما نرفضه من الآخرين؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق